12‏/11‏/2008

هذه وصيتي

الاخوة الكرام :
سلام الله تعالى ورحمته وبركاته عليكم و على من معكم من المسلمين وعلى كل مسلم صدق ما عاهد الله عليه مصدقا لقوله عز شأنه
{وَإِذْ أَخَذْنَا مِـــــــــــــــنَ النَّبِيِّينَ مِيثَاقَهُمْ وَمِنكَ وَمِن نُّوحٍ وَإِبْرَاهِيمَ وَمُوسَى وَعِيسَى ابْنِ مَرْيَمَ وَأَخَذْنَا مِنْهُم مِّيثَاقاً غَلِيظا لِيَسْأَلَ الصَّادِقِينَ عَن صِدْقِهِمْ وَأَعَدَّ لِلْكَافِرِينَ عَذَاباً أَلِيماً ً }الأحزاب7و8
وبعــــــــــــــــــــــــد................
فلقد سرني كثيرا أن نكونوا من أهل العزائم والوفاء بهذا الميثاق الغليظ و أن تحرصوا على تحري الحلال الطيب الذي هــــو أساس قبول الأعما ل مصداقا لما صح عنه -صلى الله عليه وسلم- ( أيها الناس إن الله طيب لا يقبل إلا طيب وإن الله أمــــــر المؤمنين بما أمر به المرسلين فقال: {يَا أَيُّهَا الرُّسُلُ كُلُوا مِنَ الطَّيِّبَاتِ وَاعْمَلُوا صَالِحاً إِنِّي بِمَا تَعْمَلُونَ عَلِيمٌ }المؤمنــــــون51
و قال : {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ كُلُواْ مِن طَيِّبَاتِ مَا رَزَقْنَاكُمْ }البقرة172
ثم ذكر الرجل يطيل السفر أشعث أغبر يمد يديه الى السماء يارب و معطمه من حرام و ملبسه حرام وغذي بالحرام فـأنى يستجاب لذلك ).
(هــــــــــــــــــــــذا)
و إنه ليسرني و يسعدني كثيرا ألا يكون عملكم في الدنيا و تجشمكم هذا السفر الطويل الشاق من أجل حطام الدنـــــــــــــــــيا .
أجل فإني أعيذكم و أعيز كل مسلم بالله تعالى أن يكون ممن قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم- فيه ( تعس عبد الدينـــــــار تعس عبد الدرهم تعس عبد الخميصة تعس و انتكس و إذا شيك فلا انتقش طوبى لعبد آخذ بعنان فرسه في سبيل الله تعالـــــى كلما سمع هيعة طار إليها... طوبى له ثم طوبى له) .
و أرجوا و أحب من كل قلبي أن أهنئكم و أهنئ كل مسلم بقوله تعالـــــــى : {وَمَنْ أَحْسَنُ قَوْلاً مِّمَّن دَعَا إِلَى اللَّهِ وَعَمِلَ صَالِحاً وَقَالَ إِنَّنِي مِنَ الْمُسْلِمِينَ }فصلت33
ولعلى لست في حاجة إلى أن أؤكد لكم أن دعوة الناس إلى الحق هي فرض عين عليكم لأنكم أقرب المسلمين إليـــــــــــــــهم .
و كل منكم مسؤول أمام الله تعالى مسؤولية شخصية عن جيرانه و عشرائه منهم فحق ثم عليكم أن تنقذوهم من شقاء الــدنيا و جحيم الآخرة إلى جنة عرضها السموات و الأرض أعدت للمتقين.
حق عليكم أن توقظوا فطرة الله تعالى في نفوسهم مصدقا لقوله عـــــــــــــــــز شأنه {وَفِي أَنفُسِكُمْ أَفَلَا تُبْصِرُونَ }الذاريات21
فإن هذه أولى خطوات الميثاق الغليظ.
حاولوا أن تكونوا قدوة لهم بأعمالكم و أقوالكم و اجأروا إلى الله تعالى بالدعاء في قيام الليل أن يرفع الغشاوة عن أعينـــهم و الـــوقر عن آذانهم حــــتى لا يكــــونوا ممن قال الله تعالى فيهم {الَّذِينَ كَانَتْ أَعْيُنُهُمْ فِي غِطَاء عَن ذِكْرِي وَكَانُوا لَا يَسْتَطِيعُونَ سَمْعاً }الكهف101
حاولوا أن تشربوا قلوبهم معرفة الله تـــــــــعالى و توحــــــيده الذي شهدت به فطرتهــــــم يوم أن سألهم الحق تبارك و تعالى {أَلَسْتُ بِرَبِّكُمْ قَالُواْ بَلَى شَهِدْنَا}الأعراف172
حاولوا أن تجلوا لهم يد الله تعالى في كل ذرة و في كل نعمة ظاهرة أو باطنة من نعمه تعالى التى لا تـــــعد و لا تحصى في كل نبضـــــة نــور أو نشوة فرح أو لوعة أو حزن أو هدأة روع أو سنة نوم أو انبهار عقل أو سكينة نفس أو إشراقة أمل أو غير ذلك من نعــــــم الله تعالى في الأنفس و الآفاق { صُنْعَ اللَّهِ الَّذِي أَتْقَنَ كُلَّ شَيْءٍ }النمل88 { رَبُّنَا الَّذِي أَعْطَى كُلَّ شَيْءٍ خَلْقَهُ ثُمَّ هَدَى }طـــــــــــه50 {إِنَّ فِي خَلْقِ السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضِ وَاخْتِلاَفِ اللَّيْلِ وَالنَّهَارِ لآيَاتٍ لِّأُوْلِي الألْبَابِ الَّذِينَ يَذْكُرُونَ اللّهَ اللّهَ قِيَاماً وَقُعُوداً وَعــــــــــــَلَــــــىَ جُنُوبِهِمْ وَيَتَفَكَّرُونَ فِــــــــي خَلْقِ السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضِ رَبَّنَا مــــــَا خَلَقْتَ هَذا بَاطِلاً سُبْحَانَكَ فَقِنَا عَذَابَ النَّارِ }آل عمران190 :191
وليس المراد بذكر الله تعالى هو مجرد ترديد أسمائه باللسان أو تنغيم كتابه بالأنغام والألـحان وإنما المراد به الذكر الذي تحيا به القلوب وتتجلى آثاره الإيمانية في السلوك وذلك بأن يتحقق المؤمن بمثل قوله تعالــــــــى{إِنَّمَا الْمُؤْمِنُونَ الَّذِينَ إِذَا ذُكِرَ اللّهُ وَجِلَتْ قُلُوبُهُمْ وَإِذَا تُلِيَتْ عَلَيْهِمْ آيَاتُهُ زَادَتْهُمْ إِيمَاناً وَعَـــــــــــــلَى رَبِّهِمْ يَتَوَكَّلُونَ الَّذِينَ يُقِيمُونَ الصَّــــــــــــــــلاَةَ وَمِمَّا رَزَقْنَاهُمْ يُنفِقُونَ }الأنفال2:3
وقوله سبحانه{ إِنَّ الصَّلَاةَ تَنْهَى عَنِ الْفَحْشَاء وَالْمُنكَرِ وَلَذِكْرُ اللَّهِ أَكْبَرُ}العنكبوت45
وقوله سبحانه {إِنَّ اللّهَ اشْتَرَى مِنَ الْمُؤْمِنِينَ أَنفُسَهُمْ وَأَمْوَالَهُم بِأَنَّ لَهُمُ الجَنَّةَ}التوبة111
وقولـــــــــه جل شأنه { فَمَنِ اتَّبَعَ هُدَايَ فَلَا يَضِلُّ وَلَا يَشْقَى وَمَنْ أَعْرَضَ عَن ذِكْرِي فَإِنَّ لَهُ مَعِيشَةً ضَنكاً وَنَحْشُرُهُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ أَعْمَى }طــــــه123:124 {وَأَمَّا مَنْ خَافَ مَقَامَ رَبِّهِ وَنَهَى النَّفْسَ عَنِ الْهَوَى فَإِنَّ الْجَنَّةَ هِيَ الْمَأْوَى }النازعات40:41 { فَمَن زُحْزِحَ عَنِ النَّارِ وَأُدْخِلَ الْجَنَّةَ فَقَدْ فَازَ }آل عـــــــــمــــــــران185 { وَلَا تُطِعْ مَنْ أَغْفَلْنَا قَلْبَهُ عَن ذِكْرِنَا وَاتَّبَعَ هَوَاهُ وَكَانَ أَمْرُهُ فُرُطاً }الكهف28
و قوله تعالى غي الحديث القدسي (...و ما تقرب إلى عبـــــــدي بشئ أحب إلى مما افترضته عليه و لا يزال عبدي يتقرب إلي بالنوافل حتى أحبه فإذا أحببته كنت سمعه الذي يسمع به وبـصره الذي يبصر به ويده التى يبطش بها و رجله التى يمشى بها و إذا اقترب إلى شبرا تقربت منه ذراعا و إذا تقرب إلى ذراعــــــا تقربت إليه باعا و إذا أتاني يمشى أتيته هرولة و إن سألنى لأعطينه و إن استعاذنى لأعيذنه و ما ترددت في شئ أنا فاعله تــــــرددى فى موت عبدى المؤمن فإنه يكره الموت و أنا أكره مساءته ).
وقوله تعالى (أنا عند ظن عبدى بى و أنا معه إذا ذكرنى فإن ذكرنى فــي نفسه ذكرته في نفسيى وإن ذكرنى في ملأ ذكرته في ملأ خير منه) وقوله-صلى الله عليه وسلم-(لا يؤمن أحدكم حتى يكون هـــواه تبعا لما جئت به) و قوله-صلى الله عليه وسلم-(لا يؤمن أحدكم حتى أكون أحب إليه من نفسه ووالده وولده و الناس أجمعين).
و قوله -صلى الله عليه وسلم-(ثلاث من كن فيه وجد حلاوة الإيمان أن يكـــون الله و رسوله أحب إليه مما سواهما و أن يحب المرء لا يحبه إلا ااه و أن يكره أن يعود إلى الكفر بعد أن أنقذه الله منه كما يكره أن يقذف فى النار).
و إنما كان إفراد الله تعالى و رسوله صلى الله عليه و سلم بأصدق مشاعر الــــــحب و أعمقها و أخلصها من حلاوة الإيمان و ضرورياته بعد التوحيد لأن ذلك هو مقتضى الفطرة البشرية فإن الإنسان مادام مـــفطوراً على حب نفسه فإنه مفطور بالدرجة الأولى على حب من أعطاها حياتهافي نظره و ضمن لها بقاءها و سلامتها من المـــــــــــهالك و الآلام و انطلاقها بكل طاقاتها لتحقيق غاياتها في اعتدال وانسجام و تناسق . و تلك هي السعادة التي تحلم بها البشرية و الــــــــتي لاسبيل إليها في الدنيا و الآخرة إلا بهذا الإسلام .
{وَمَن يَبْتَغِ غَيْرَ الإِسْلاَمِ دِيناً فَلَن يُقْبَلَ مِنْهُ وَهُوَ فِي الآخِرَةِ مِنَ الْخَاسِرِينَ }آل عمـــــــــران85 { فَمَنِ اتَّبَعَ هُدَايَ فَلَا يَضِلُّ وَلَا يَشْقَى وَمَنْ أَعْرَضَ عَن ذِكْرِي فَإِنَّ لَهُ مَعِيشَةً ضَنكاً وَنَحْشُرُهُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ أَعْمَى }طه123:124
و المؤمن يعلم أن الروح التي بها حياته هي منحة من الله تبارك و تعالى وحده و كأى ذرة مــــن ذرات جسمه و أن الحياة في حقيقتها إنما تقوم على قدرة الله تعالى وحده و تقوم في ظاهرها على نبضات القلب و ذرات الهــــــواء وعمل الرئتين و سائر الأجهزة الضرورية و ذلك كله من خلق الله تعالى وحده ,و المؤمن يعلم أنه لولا فضل الله تعالى و قــــدرته و رحمته لما تنسم نسمة الوجود فضلا عن تلك الحياة الكاملة التي لا يعلم حقيقتها و لا يمنحها إلا الله تعالى وحده.
المؤمن يعلم أنه لولا فضل الله تعالى و رحمته لبقى الإنسان حفنة من تراب أو قطعة من صلصال. و أن الله تعـــــــالى كان من الممكن أن يخلقه حيواناً من أحقر الحيوانات أو حشرة من أخبث الحشرات أو يخلقه فاقد العقل أو مسلوب الحركة أو الصــحة أو الإحساس أو يخلقه كافراً أإو مباءة لجميع الأمراض و لكن الله تعالى بفضله و رحمته شاء أن يحسن خلقه و صورتــــــــه فخلقه بيديه و نفخ فيه من روحه و فطره على توحيده و أشهده على نفسه أو أسجد له ملائكته و جعله محور هذا الوجــــــود كله بل هو مقصود العناية الإلهية من هذا الوجود كله و سخر كل ما في الوجود لسعادته في الدنيا و الآخرة حتى الملائكـــة و حملة العرش {الَّذِينَ يَحْمِلُونَ الْعَرْشَ وَمَنْ حَوْلَهُ يُسَبِّحُونَ بِحَمْدِ رَبِّهِمْ وَيُؤْمِنُونَ بِهِ وَيَسْتَغْفِرُونَ لِلَّذِينَ آمَنُوا}غافر7 بل إنــــه تعالى جعل الملائكة أولياء المؤمنين في الدنيا و الآخرة {نَحْنُ أَوْلِيَاؤُكُمْ فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَفِي الْآخِرَةِ}فصلت31 .
فهم في الدنيا قوام على خلقه و رزقه و تثبيته و حــفظه {إِذْ يُوحِي رَبُّكَ إِلَى الْمَلآئِكَةِ أَنِّي مَعَكُمْ فَثَبِّتُواْ الَّذِينَ آمَنُواْ} الأنفال12
{ أَنِّي مُمِدُّكُم بِأَلْفٍ مِّنَ الْمَلآئِكَةِ مُرْدِفِينَ }الأنفال9 , { يُمْدِدْكُمْ رَبُّكُم بِخَمْسَةِ آلافٍ مِّنَ الْمَلآئِكَةِ مُسَوِّمِينَ }آل عمران 12 أمـا في الآخرة فهم مبشرون له عند موته { وَأَبْشِرُوا بِالْجَنَّةِ الَّتِي كُنتُمْ تُوعَدُونَ }فصلت30 المثبتون له عند الفزع الأكبــــــــــــر {لَا يَحْزُنُهُمُ الْفَزَعُ الْأَكْبَرُ وَتَتَلَقَّاهُمُ الْمَلَائِكَةُ هَذَا يَوْمُكُمُ الَّذِي كُنتُمْ تُوعَدُونَ }الأنبياء103 المرافقون له الجنـة . { وَالمَلاَئِكَةُ يَدْخُلُونَ عَلَيْهِم مِّن كُلِّ بَابٍ }الرعد23 مهنئين مسلمين {سَلاَمٌ عَلَيْكُم بِمَا صَبَرْتُمْ فَنِعْمَ عُقْبَى الدَّارِ }الرعد24 .
هذا و من أعجب العجب أن الله تعالى كما جعل من أسباب سعادة المؤمن ولاية الملائكة له في الدنيا و الآخــــرة فإنه تعالى قد جعل من أسباب سعادة المؤمن ولاية الملائكة له في الدنيا و الآخرة فإنه تعالى قد جعل من أسباب سعادة المؤمن أيــضاً ابتلاه بإبليس اللعين.
نعم إن الله تعالى جعل ابتلاء المؤمن بإبليس من أسباب سعادته في الدنيا و الآخرة و حسبنا في ذلك قوله عز شأنــــــه {الَّذِينَ آمَنُواْ يُقَاتِلُونَ فِي سَبِيلِ اللّهِ وَالَّــــذِينَ كــــــــــــــَفَرُواْ يُقَاتِلُونَ فِي سَبِيلِ الطَّاغُوتِ فَقَاتِلُواْ أَوْلِيَاء الشَّيْطَانِ إِنَّ كَيْدَ الشَّيْطَانِ كَانَ ضَـــــــعِيفاً }النساء76 و قوله سبــــــــــــــحانـه و تعالى {أَمْ حَسِبْتُمْ أَن تَدْخُلُواْ الْجَنَّةَ وَلَمَّا يَعْلَمِ اللّهُ الَّذِينَ جَاهَدُواْ مِنكُمْ وَيَعْلَمَ الصَّابِرِينَ }آل عمران142 .
فجعل سبحانه و تعالى طريق الجنة بعد الإسلام هـــــو جهاد إبليس و حزبه ... بل إنه تعالى أبرم على نفسه في ذلك هذا العهد الذي سجله في جميع كتـــــــــبه {إِنَّ اللّهَ اشْتَرَى مِنَ الْمُؤْمِنِينَ أَنفُسَهُمْ وَأَمْوَالَهُم بِأَنَّ لَهُمُ الجَنَّةَ يُقَاتِلُونَ فِي سَبِيلِ اللّهِ فَيَقْتُلُونَ وَيُقْتَلُونَ وَعْداً عَلَيْهِ حَقّاً فِي الـــــتَّوْرَاةِ وَالإِنجِيلِ وَالْقُرْآنِ وَمَنْ أَوْفَى بِعَهْدِهِ مِنَ اللّهِ فَاسْتَبْشِرُواْ بِبَيْعِكُمُ الَّذِي بَايَعْتُم بِهِ وَذَلِكَ هُوَ الْفَوْزُ الْعَظِيمُ }التوبة111 و أعظـم من ذلك كله و أعظم , أن الله تعالى منح المؤمن ولايته المباشرة مصداقا لقوله عز و شأنه {إِنَّ أَوْلَى النَّاسِ بِإِبْرَاهِيمَ لَلَّذِينَ اتـــــــَّبَعُوهُ وَهَـذَا النَّبِيُّ وَالَّذِينَ آمَنُواْ وَاللّهُ وَلِيُّ الْمُؤْمِنِينَ }آل عمران68 {ذَلِكَ بِأَنَّ اللَّهَ مَوْلَى الَّذِينَ آمَنُوا وَأَنَّ الْكَافِرِينَ لَا مَوْلَى لَهُمْ }محمد11 و هذه الولاية هي سر سعادة المؤمن في الدنيا و الآخرة .
أما فى الدنيا فحسبه أن الله تبارك و تعالى هو الذى فطره على توحــــيده قبل أن تتقمص روحه جسده ثم دعاه إليه على لسان جميع المرسلين {وَمَا أَرْسَلْنَا مِن قَبْلِكَ مِن رَّسُولٍ إِلَّا نُوحِي إِلَيْهِ أَنَّهُ لَا إِلَهَ إِلَّا أَنَا فَاعْبُدُونِ }الأنبياء25 .
ولولا ذلك لكان المؤمن حطبا لجهــــــنم {إِنَّكُمْ وَمَا تَعْبُدُونَ مِن دُونِ اللَّهِ حَصَبُ جَهَنَّمَ أَنتُمْ لَهَا وَارِدُونَ }الأنبياء98 {إِنَّ الَّذِينَ كَفَرُوا مِنْ أَهْلِ الْكِتَابِ وَالْمُشْرِكِينَ فِــي نَارِ جَهَنَّمَ خَالِدِينَ فِيهَا أُوْلَئِكَ هُمْ شَرُّ الْبَرِيَّةِ إِنَّ الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ أُوْلَئِكَ هُمْ خَيْرُ الْبَرِيَّةِ }البينة6 و7 .
وصدق الله العطيم {قُلْ مَا يَعْبَأُ بِكُمْ رَبِّي لَوْلَا دُعَاؤُكُمْ }الفرقان77 فلولا أن الله تعــــــــالى دعا المؤمن إلى توحيده بعد أن فطره عليه ما كان عابئا به ولكان المؤمن حطبا لجهنم مع جمــــــيع الكافرين { وَلَوْلَا فَضْلُ اللَّهِ عَلَيْكُمْ وَرَحْمَتُهُ مَا زَكَا مِنكُم مِّنْ أَحَدٍ أَبَداً وَلَكِنَّ اللَّهَ يُزَكِّي مَن يَشَاءُ وَاللَّهُ سَمِيعٌ عَلِيمٌ }النور21 .
وحسب المؤمن من السعادة بولاية الله تعالى فى الدنيا و الآخرة يقينه بأن الله وحده هو الذى تولاه في جميع شؤونه و فى كل أطواره بمزيد فضله و خفى لطفه و صادق عنايته و حسن تدبيره منذ لم يكن شيئا مذكورا إلى أن أصبح أهلا لسماع نـداء الله تعالى له{يَا أَيَّتُهَا النَّفْسُ الْمُطْمَئِنَّةُ ارْجِعِي إِلَى رَبِّكِ رَاضِيَةً مَّرْضِيَّةً فَادْخُلِي فِي عِبَادِي وَادْخُلِي جَنَّتِي}الفجر28:30.
وحسبه أن يقرأ فى ذلك قوله عز شأنه { يَخْلُقُكُمْ فِي بُطُونِ أُمَّهَاتِكُمْ خَلْقاً مِن بَعْدِ خَلْقٍ فِي ظُلُمَاتٍ ثَلَاثٍ ذَلِكُمُ اللَّهُ رَبُّكُمْ لَهُ الْمُلْكُ لَا إِلَهَ إِلَّا هُوَ فَأَنَّى تُصْرَفُونَ }الزمـــــر6 وقوله تعالى {وَلَقَدْ خَلَقْنَا الْإِنسَانَ مِن سُلَالَةٍ مِّن طِينٍ ثُمَّ جَعَلْنَاهُ نُطْفَةً فِي قَرَارٍ مَّكِينٍ ثُمَّ خَلَقْنَا النُّطْفَةَ عَلَقَةً فَخَلَقْنَا الْعَلَقَةَ مُضْغَةً فَخَلَقْنَا الْمُضْغَةَ عِظَاماً فَكَسَوْنَا الْعِظَامَ لَحْماً ثُمَّ أَنشَأْنَاهُ خَلْقاً آخَرَ فَتَبَارَكَ اللَّهُ أَحْسَـــــــنُ الْخَالِقِينَ ثُمَّ إِنَّكُمْ بَعْدَ ذَلِكَ لَمَيِّتُون ثُمَّ إِنَّكُمْ يَوْمَ الْقِيَامَةِ تُبْعَثُونَ }المؤمنون12:16َ .
وحسب المؤمن ثم حسبه من السعادة بولاية الله تعالى يقينه بأنه إنما بلغ تلك المنزلة بعناية الله تبارك و تعالى و حـــده .و أن جهود الوالدين فضلا عن غيرهما من المربين ليست إلا مظهرا واحدا من مظاهر عنايته و لطفه و نعمة واحدة من جــــــــزيل نعمه و طاقه واحدة من طاقات هذا الوجود التى سخرها تعالى كلها لخدمته فإنه تعالى هو الذى خلق الوالدين و سخرهــــما و هيأهما بقدرته و قذف فى قلوبهم من الرحمة به و المحبة له ما جعلهما يستعذبان كل تضحية في سبيل راحــــــته { صُنْعَ اللَّهِ الَّذِي أَتْقَنَ كُلَّ شَيْءٍ }النمل 88 { رَبُّنَا الَّذِي أَعْطَى كُلَّ شَيْءٍ خَلْقَهُ ثُمَّ هَدَى }طه50 .
وحسب المؤمن ثم حسبه بولاية الله تعالى و محبته ما تقدم من قوله تعالى فى الحديث القدسى(فإذا أحببته كنــــت سمعه الذي يسمع به و بصره الذى يبصر به و يده التى يبطش بها و رجله التى يمشى بها).
وحسب المؤمن ثم حسبه أن الله تعالى جعل عزته مـــــــــــن عــــــــــزته { وَلِلَّهِ الْعِزَّةُ وَلِرَسُولِهِ وَلِلْمُؤْمِنِينَ وَلَكِنَّ الْمُنَافِقِينَ لَا يَعْلَمُونَ }المنافقون8 وجعل قوته من قوتـــه {قَاتِلُوهُمْ يُعَذِّبْهُمُ اللّهُ بِأَيْدِيكُمْ }التوبة14 {فَلَمْ تَقْتُلُوهُمْ وَلَـكِنَّ اللّهَ قَتَلَهُمْ وَمَا رَمَيْتَ إِذْ رَمَيْتَ وَلَـكِنَّ اللّهَ رَمَى وَلِيُبْلِيَ الْمُؤْمِنِينَ مِنْهُ بَلاء حَسَناً إِنَّ اللّهَ سَمِيعٌ عَلِيمٌ }الأنفال17 و جـعل وصايته من وصايته {وَكَذَلِكَ جَعَلْنَاكُمْ أُمَّةً وَسَطاً لِّتَكُونُواْ شُهَدَاء عَلَى النَّاسِ وَيَكُونَ الرَّسُولُ عَلَيْكُمْ شَهِيداً}الــــــــــــبقرة143 {كُنتُمْ خَيْرَ أُمَّةٍ أُخْرِجَتْ لِلنَّاسِ تَأْمُرُونَ بِالْمَعْرُوفِ وَتَنْهَوْنَ عَنِ الْمُنكَرِ وَتُؤْمِنُونَ بِاللّهِ }آل عمران110 {وَجَاهِدُوا فِي اللَّهِ حَقَّ جِهَادِهِ }الحج78 وجعل قوامته من قوامته {كَبُرَ مَقْتاً عِندَ اللَّهِ وَعِندَ الَّذِينَ آمَنُوا}غافر35 .
وجعل رقابته من رقابته {وَقُلِ اعْمَلُواْ فَسَيَرَى اللّهُ عَمَلَكُمْ وَرَسُولُهُ وَالْمُؤْمِنُونَ }التوبة105 .
وجعل ولايته من ولايته {إِنَّمَا وَلِيُّكُمُ اللّهُ وَرَسُولُهُ وَالَّذِينَ آمَنُواْ الَّذِينَ يُقِيمُونَ الصَّلاَةَ وَيُؤْتُونَ الزَّكَاةَ وَهُمْ رَاكِعُونَ }المائـدة55 و جعل عداوته من عداوتــــــه {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تَتَّخِذُوا عَدُوِّي وَعَدُوَّكُمْ أَوْلِيَاء تُلْقُونَ إِلَيْهِم بِالْمَوَدَّةِ وَقَدْ كَفَرُوا بِمَا جَاءكُم مِّنَ الْحَقِّ }الممتحنة1 وتكفل لـــه بالنصر على أعدائه و أعداء الله تعالى فى الدنيا و الآخرة {وَمَن يَتَوَلَّ اللّهَ وَرَسُولَهُ وَالَّذِينَ آمَنُواْ فَإِنَّ حِزْبَ اللّهِ هُمُ الْغَالِبُونَ }المـــــــــائدة56 {وَلَقَدْ سَبَقَتْ كَلِمَتُنَا لِعِبَادِنَا الْمُرْسَلِين إِنَّهُمْ لَهُمُ الْمَنصُورُونَ وَإِنَّ جُندَنَا لَهُمُ الْغَالِبُونَ }الـــــــــصافات171:173 {إِنَّا لَنَنصُرُ رُسُلَنَا وَالَّذِينَ آمَنُوا فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَيَوْمَ يَقُومُ الْأَشْهَاد يَوْمَ لَا يَنفَعُ الظَّالِمِينَ مَعْذِرَتُهُمْ وَلَهُمُ اللَّعْنَةُ وَلَهُمْ سُوءُ الدَّارِ }غافر51:52 .
و حسب المؤمن أن الله تعالى أكرمه دائما بمعيته {فَلَا تَهِنُوا وَتَدْعُوا إِلَى السَّلْمِ وَأَنتُمُ الْأَعْلَوْنَ وَاللَّهُ مَعَكُمْ }محمد35 و أثابـــــه حتى على مداعبة زوجته و قضاء شهوته(وفى بضع أحدكم صدقة) , (و لست تنفق نفقة تبتغى بها وجه الله تعالى إلا أجـــرت عليها حتى اللقمة تضعها فى فم امرأتك).
و أنه تعالى ام ينزل كتبه إلا هداية لهم و لم يرسل رسوله إلا رحمة بهم و حسبنا فى ذلك قوله عز شأنــه {وَلَقَدْ جِئْنَاهُم بِكِتَابٍ فَصَّلْنَاهُ عَلَى عِلْمٍ هُدًى وَرَحْمَةً لِّقَوْمٍ يُؤْمِنُونَ }الأعراف52 و قوله سبحانه {إِنَّا أَنزَلْنَاهُ فِي لَيْلَةٍ مُّبَارَكَةٍ }الدخان3 و قولـــــــه سبحانه {ذَلِكَ الْكِتَابُ لاَ رَيْبَ فِيهِ هُدًى لِّلْمُتَّقِينَ }البقرة2 ثم وصف المتقين بقولـــــــــــــــــــه {الَّذِينَ يُؤْمِنُونَ بِالْغَيْبِ وَيُقِيمُونَ الصَّلاةَ وَمِمَّا رَزَقْنَاهُمْ يُنفِقُونَ }البقرة3 و قوله سبحانه {مَّا يَوَدُّ الَّذِينَ كَفَرُواْ مِنْ أَهْلِ الْكِتَابِ وَلاَ الْمُشْرِكِينَ أَن يُنَزَّلَ عَلَيْكُم مِّنْ خَيْرٍ مِّن رَّبِّكُمْ وَاللّهُ يَخْتَصُّ بِرَحْمَتِهِ مَن يَشَاءُ وَاللّهُ ذُو الْفَضْلِ الْعَظِيمِ }البقرة105 .
و قوله لرسول الله -صلى الله عليه وسلم- { إِنَّمَا تُنذِرُ الَّذِينَ يَخْشَوْنَ رَبَّهُم بِالغَيْبِ وَأَقَامُوا الصَّلَاةَ }فاطـــــر18 {إِنَّمَا تُنذِرُ مَنِ اتَّبَعَ الذِّكْرَ وَخَشِيَ الرَّحْمَن بِالْغَيْبِ فَبَشِّرْهُ بِمَغْفِرَةٍ وَأَجْرٍ كَرِيمٍ }يس11 . وقوله لسيدنا موسى حينما دعــــــاه بقوله { أَنتَ وَلِيُّنَا فَاغْفِرْ لَنَا وَارْحَمْنَا وَأَنتَ خَيْرُ الْغَافِرِينَ }الأعراف155 {وَاكْتُبْ لَنَا فِي هَـذِهِ الدُّنْيَا حَسَنَةً وَفِي الآخِرَةِ }الأعـــــــــراف156 فإنه تعالى أجابه بقوله { فَسَأَكْتُبُهَا لِلَّذِينَ يَتَّقُونَ وَيُؤْتُونَ الزَّكَـاةَ وَالَّذِينَ هُم بِآيَاتِنَا يُؤْمِنُونَ }الأعراف156 .
و بهذا كله يتبين أن المؤمنين و حدهم هم محور هذا الوجود من أجلهم أنزل الله كتبه و أرسل رسله و من أجلهــم كانت الدنيا و الآخـــــــــرة و كــــــانت الجنــــــة و الـــــــــــنار فــإنه تعالى إنما خلق الدنيا لنمحيصهم{وَلِيُمَحِّصَ اللّهُ الَّذِينَ آمَنُواْ وَيَمْحَقَ الْكَافِرِينَ }آل عمران141.
و خلق الجنة لنعيمهــــم { أُعِدَّتْ لِلَّذِينَ آمَنُوا بِاللَّهِ وَرُسُلِهِ ذَلِكَ فَضْلُ اللَّهِ يُؤْتِيهِ مَن يَشَاءُ وَاللَّهُ ذُو الْفَضْلِ الْعَظِيمِ }الحديد21 .
و خلق النار لتعذيب أعـــــــــــدائهم { أُعِدَّتْ لِلْكَافِرِينَ }البقرة24 {وَيَوْمَ يُحْشَرُ أَعْدَاء اللَّهِ إِلَى النَّارِ فَهُمْ يُوزَعُونَ }فصلت19 {فَالْيَوْمَ الَّذِينَ آمَنُواْ مِنَ الْكُفَّارِ يَضْحَكُونَ }المطـــــــــففين34 {عَلَى الْأَرَائِكِ يَنظُرُونَ }المطففين23 {هَلْ ثُوِّبَ الْكُفَّارُ مَا كَانُوا يَفْعَلُونَ }المطففين36 و خلقها كذلك ليدفع بها المؤمـــــــنين إلى الاعتصام به و الفرار إليه {فَفِرُّوا إِلَى اللَّهِ إِنِّي لَكُم مِّنْهُ نَذِيرٌ مُّبِينٌ }الذاريات50 { وَمَن يَعْتَصِم بِاللّهِ فَقَدْ هُدِيَ إِلَى صِرَاطٍ مُّسْتَقِيمٍ }آل عمران101 و أضاف صراطه المستقيم إليهم و جعل الضلال و الغضب و الخلود فى جهنم جزءا لمن انحرف عن صراطهم أو اتبع غير سبيلهم فقال ســـــــبحانه {اهدِنَــــا الصِّرَاطَ المُستَقِيمَ }الفاتحة6 و قـــال {وَمَن يُشَاقِقِ الرَّسُولَ مِن بَعْدِ مَا تَبَيَّنَ لَهُ الْهُدَى وَيَتَّبِعْ غَيْرَ سَبِيلِ الْمُؤْمِنِينَ نُوَلِّهِ مَا تَوَلَّى وَنُصْلِهِ جَهَنَّمَ وَسَاءتْ مَصِيراً }النساء115 .
و ما يؤكد ذلك كله و يؤكده أن الله تعالى تعرف إلى المؤمنين فى صدر كل سورة من ســــــــــــــــــور القرآن الكريم بالبسملة.
نعم تعرف إليهم بالبسملة التى انتظمت اسم الجلالة الجامع مقرونا باسميه الكريمين (الرحمن الرحـــــــــــــيم) و هما الاسمان الناطقان بسعة رحمته تعالى و عمومها و خصوصها و سبقها غضبه و تعرف إليهم بذلك فى فاتحة الكتاب مــــرتين حيث قال فى ابتدائها {بِسْمِ اللهِ الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ }الفاتحة1 ثم افتتحها بقولـــــــــــــــه سبحانـــــــــــــه {الْحَمْدُ للّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ }الفاتحة2:3 و ذلك لأنهما أم القرآن الجامعة لمقاصده .
ولقد جاء فى السنة أمر رسول الله-صلى الله عليه وسلم-للمؤمنين أن يجعـــــــــــــلوا البسملة شعارهم و أن يبتدئوا بها جميع أعمالهم الشريفة كما جاء فى السنة أيضا أن لله تعالى مائة رحمه يرحم بها عباده الـــمؤمنين يوم القيامة و أنه تعالى لم ينزل من تلك المائة فى الأرض إلا رحمة واحدة فبها يتراحم جميع الخلائق حتى ترفع الـفرس حافرها عن ولدها خشية أن تصيبه .
فحسب المؤمنين ذلك ثم حسبهم أن الله تبارك و تعالى أمر رسوله -صلى الله عليه وسلم-بتزكيتهم و الصلاة علـــــــــيهم أمره بقولـه {خُذْ مِنْ أَمْوَالِهِمْ صَدَقَةً تُطَهِّرُهُمْ وَتُزَكِّيهِم بِهَا وَصَلِّ عَلَيْهِمْ إِنَّ صَلاَتَكَ سَكَنٌ لَّهُمْ وَاللّهُ سَمِيعٌ عَلِيمٌ أَلَمْ يَعْلَمُواْ أَنَّ اللّهَ هُوَ يَقْبَلُ التَّوْبَةَ عَنْ عِبَادِهِ وَيَأْخُذُ الصَّدَقَاتِ وَأَنَّ اللّهَ هُوَ التَّوَّابُ الرَّحِيمُ }التوبة103:104 .
و حسب المؤمنين ثم حسبهم أن الله تعالى بنفسه هو و ملائكته يصلى عليهم و يجبيهم عند سعادته بلقائه يوم القيامة بالسلام {سَلَامٌ قَوْلاً مِن رَّبٍّ رَّحِيم}يس58 {هُوَ الَّذِي يُصَلِّي عَلَيْكُمْ وَمَلَائِكَتُهُ لِيُخْرِجَكُم مِّنَ الظُّلُمَاتِ إِلَى النُّورِ وَكَانَ بِالْمُؤْمِنِينَ رَحِيمــــاً تَحِيَّتُهُمْ يَوْمَ يَلْقَوْنَهُ سَلَامٌ وَأَعَدَّ لَهُمْ أَجْراً كَرِيماً}الأحزاب43:44 .
و أنه تعالى يتلقاهم و يتجلى عليهم باسمه الرحمن الجامع لما ثبت فى السنة أنه تعالى له مائة رحمة و أنه تعالى سيحشرهــم إليه وفدا و سيجعل لهم منه ودا حيث يناديــــــــــــهم {يَا عِبَادِ لَا خَوْفٌ عَلَيْكُمُ الْيَوْمَ وَلَا أَنتُمْ تَحْزَنُونَ الَّذِينَ آمَنُوا بِآيَاتِنَا وَكَانُوا مُسْلِمِينَ }الزخرف68:69 مصدقا لقوله تعالــــــى {يَوْمَ نَحْشُرُ الْمُتَّقِينَ إِلَى الرَّحْمَنِ وَفْداً وَنَسُوقُ الْمُجْرِمِينَ إِلَى جَهَنَّمَ وِرْداً لَا يَمْلِكُونَ الشَّفَاعَةَ إِلَّا مَنِ اتَّخَذَ عِندَ الرَّحْمَنِ عَهْداً وَقـــــــَالُوا اتَّخَذَ الرَّحْمَنُ وَلَداً لَقَدْ جِئْتُمْ شَيْئاً إِدّاً تَكَادُ السَّمَاوَاتُ يَتَفَطَّرْنَ مِنْهُ وَتَنشَقُّ الْأَرْضُ وَتَخِرُّ الْجِبَالُ هَدّاً أَن دَعَوْا لِلرَّحْمَنِ وَلَــداً وَمَا يَنبَغِي لِلرَّحْمَنِ أَن يَتَّخِذَ وَلَداً إِن كُلُّ مَن فِي السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ إِلَّا آتِي الرَّحْمَنِ عَبْداً لَقَدْ أَحْصَاهُمْ وَعَدَّهُمْ عَدّاً وَكُلُّهُمْ آتـــــِيهِ يَوْمَ الْقِيَامَةِ فَرْداً إِنَّ الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ سَيَجْعَلُ لَهُمُ الرَّحْمَنُ وُدّاً }مريم85: 96 .
هذا فى الوقت الذى يحشر فيه غيرهم على وجوههم حامليـــــــــــــن أوزارهم على ظهورهم مصدقا لقوله عز شأنه فى سورة الإســـراء { وَنَحْشُرُهُمْ يَوْمَ الْقِيَامَةِ عَلَى وُجُوهِهِمْ عُمْياً وَبُكْماً وَصُمّاً مَّأْوَاهُمْ جَهَنَّمُ كُلَّمَا خَبَتْ زِدْنَاهُمْ سَعِيراً ذَلِكَ جَزَآؤُهُم بِأَنَّهُمْ كَفَرُواْ بِآيَاتِنَا وَقـــَالُواْ أَئِذَا كُنَّا عِظَاماً وَرُفَاتاً أَإِنَّا لَمَبْعُوثُونَ خَلْقاً جَدِيداً }الإسراء98:97 وقوله {قَدْ خَسِرَ الَّذِينَ كَذَّبُواْ بِلِقَاء اللّهِ حَتَّى إِذَا جَاءتْهُمُ الــــــــسَّاعَةُ بَغْتَةً قَالُواْ يَا حَسْرَتَنَا عَلَى مَا فَرَّطْنَا فِيهَا وَهُمْ يَحْمِلُونَ أَوْزَارَهُمْ عَلَى ظُهُورِهِمْ أَلاَ سَاء مَا يَزِرُونَ }الأنعام31 .
و حسب المؤمنين بعد ذلـــــك ثم حسبهم أن الله تعالى أثنى عليهم برضاهم عن الله تعالى قال سبحانه {إِنَّ الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ أُوْلَئِكَ هُمْ خَيْرُ الْبَــــــــرِيَّةِ جَزَاؤُهُمْ عِندَ رَبِّهِمْ جَنَّاتُ عَدْنٍ تَجْرِي مِن تَحْتِهَا الْأَنْهَارُ خَالِدِينَ فِيهَا أَبَداً رَّضِيَ اللَّهُ عَنْهُمْ وَرَضُوا عَنْهُ ذَلِكَ لِمَنْ خَشِيَ رَبَّهُ }البينة7: 8 نعم و رضوا عنه فأعظم بها من كرامة و أكرم بها من سعادة و أخلق بأهلها أن يأمنهم الله تعالى من الفزع الأكبر يوم القيامة حــيث يناديهم {يَا عِبَادِ لَا خَوْفٌ عَلَيْكُمُ الْيَوْمَ وَلَا أَنتُمْ تَحْزَنُونَ الَّذِينَ آمَنُوا بِآيَاتِنَا وَكَانُوا مُسْلِمِينَ ادْخُلُوا الْجَنَّةَ أَنتُمْ وَأَزْوَاجُكُمْ تُحْبَرُونَ }الزخرف68: 70 و كـيف لا وقد شهد الله تعالى لهم بأنهم خير البرية و أنهم أهل الخشية الربانية { ذَلِكَ لِمَنْ خَشِيَ رَبَّهُ }البينة8 و أنهم الناجون مــــــــــن كل حسرات لأنهم أهل الإيمان و الصلاح و التواصى بالحق و الصبر كما جاء فى سورة العصر بأنهم أهل الخوف و التأييـــــــد و الإحسان مصدقا لقوله عز شأنه {وَلِمَنْ خَافَ مَقَامَ رَبِّهِ جَنَّتَانِ فَبِأَيِّ آلَاء رَبِّكُمَا تُكَذِّبَانِ ذَوَاتَا أَفْنَانٍ فَبِأَيِّ آلَاء رَبِّكُمَا تُكَذِّبَانِ فــــــِيهِمَا عَيْنَانِ تَجْرِيَانِ فَبِأَيِّ آلَاء رَبِّكُمَا تُكَذِّبَانِ فِيهِمَا مِن كُلِّ فَاكِهَةٍ زَوْجَانِ فَبِأَيِّ آلَاء رَبِّكُمَا تُكَذِّبَانِ مُتَّكِئِينَ عَلَى فُرُشٍ بَطَائِنُهَا مِنْ إِسْتَبْرَقٍ وَجَنَى الْجَنَّتَيْنِ دَانٍ فَبِأَيِّ آلَاء رَبِّكُمَا تُكَذِّبَانِ فِيهِنَّ قَاصِرَاتُ الطَّرْفِ لَمْ يَطْمِثْهُنَّ إِنسٌ قَبْلَهُمْ وَلَا جَانٌّ فَبِأَيِّ آلَاء رَبِّكُمــَا تُكَذِّبَانِ كَأَنَّهُنَّ الْيَاقُوتُ وَالْمَرْجَانُ فَبِأَيِّ آلَاء رَبِّكُمَا تُكَذِّبَانِ هَلْ جَزَاء الْإِحْسَانِ إِلَّا الْإِحْسَانُ }الرحمن46:60 وقوله سبحانـه {وَالسَّابِقُونَ الأَوَّلُونَ مِنَ الْمُهَاجِرِينَ وَالأَنصَارِ وَالَّذِينَ اتَّبَعُوهُم بِإِحْسَانٍ رَّضِيَ اللّهُ عَنْهُمْ وَرَضُواْ عَنْهُ }التوبة100 و ذلك أى فــــــضل أو منة { اللَّهُ يَمُنُّ عَلَيْكُمْ أَنْ هَدَاكُمْ لِلْإِيمَانِ إِن كُنتُمْ صَادِقِينَ }الحجرات17 .
وقوله سبحانه { أُوْلَئِكَ كَتَبَ فِي قُلُوبِهِمُ الْإِيمَانَ وَأَيَّدَهُم بِرُوحٍ مِّنْهُ }المجادلة22 وحرى بهم أن يكونوا ممــــــــن وجدوا حلاوة الإيمان و ممن شهد لهم رسول الله -صلى الله عليه وسلم- بأنهم طعموا طعم الإسلام لما صح عنه -صلى الله عـــــــليه وسلم-(ذاق طعم الإسلام من رضى بالله ربا و بالإسلام دينا و بمحمد -صلى الله عليه وسلم-نبيا و رسولا) .
و حرى بهم أن يفوزوا بما لا عين رأت و لا أذن سمعت و لا خطر على قلب بشر و حرى بهم أن لا يقف جزاؤهم عــــــند نعيم الجنان و إنما يسمو و يسمو إلى درجة الرضوان الأكبر مصدقا لقوله عـز شأنه {وَعَدَ اللّهُ الْمُؤْمِنِينَ وَالْمُؤْمِنَاتِ جَنَّاتٍ تَجْرِي مِن تَحْتِهَا الأَنْهَارُ خَالِدِينَ فِيهَا وَمَسَاكِنَ طَيِّبَةً فِي جَنَّاتِ عَدْنٍ وَرِضْوَانٌ مِّنَ اللّهِ أَكْبَرُ ذَلِكَ هُوَ الْفَوْزُ الْعَظِيمُ }التوبة72 .
وحسب المؤمنين ثم حسبهم قبل ذلك كله يقينهم أن تلك العطاءات العظمــــــى و تلك المنة الكبرى و هذه النعم التى لا تعد و لا تحصى إنما هى محض عطاء وفضل و رحمتة من الله تعالى وحده دون أن يــــكون لنا فيها أى جهد ذاتى أو أى عمل إيجابى فإن أساسها كلها هو الإيمان و ليس لنا فيه أى عمل أو كسب حقيقى لأن الله تعـــــــالى هو الذى فطرنا عليه { فِطْرَةَ اللَّهِ الَّتِي فَطَرَ النَّاسَ عَلَيْهَا }الروم30 وهو الذى قدره لــــــــــــنا بفضله {هُوَ الَّذِي خَلَقَكُمْ فَمِنكُمْ كَافِرٌ وَمِنكُم مُّؤْمِنٌ }التغابن2 {وَمَا كَانَ لِنَفْسٍ أَن تُؤْمِنَ إِلاَّ بِإِذْنِ اللّهِ }يونس100 و قال فى حــق الكفار {وَلَوْ أَنَّنَا نَزَّلْنَا إِلَيْهِمُ الْمَلآئِكَةَ وَكَلَّمَهُمُ الْمَوْتَى وَحَشَرْنَا عَلَيْهِمْ كُلَّ شَيْءٍ قُبُلاً مَّا كَانُواْ لِيُؤْمِنُواْ إِلاَّ أَن يَشَاءَ اللّهُ وَلَـكِنَّ أَكْثَرَهُمْ يَجْهَلُونَ }الأنعام111 .
و هـــــــو الـــــــذى حـــــببه إلـــــــــــينا و لـــــكم { وَلَكِنَّ اللَّهَ حَبَّبَ إِلَيْكُمُ الْإِيمَانَ وَزَيَّنَهُ فِي قُلُوبِكُمْ وَكَرَّهَ إِلَيْكُمُ الْكُفْرَ وَالْفُسُوقَ وَالْعِصْيَانََ }الحجرات7 و هو الذى هدانا لــــــه {إِنَّ الَّذِينَ آمَنُواْ وَعَمِلُواْ الصَّالِحَاتِ يَهْدِيهِمْ رَبُّهُمْ بِإِيمَانِهِمْ}يونس9 و هو الذى صبغنا بصبغته {صِبْغَةَ اللّهِ وَمَنْ أَحْسَنُ مِنَ اللّهِ صِبْغَةً }البقرة138 و هو الذى أنزل سكينته فى قلوبنا ليزيدنا مـــنه {هُوَ الَّذِي أَنزَلَ السَّكِينَةَ فِي قُلُوبِ الْمُؤْمِنِينَ لِيَزْدَادُوا إِيمَاناً مَّعَ إِيمَانِهِمْ }الفتح4 {وَيَزِيدُ اللَّهُ الَّذِينَ اهْتَدَوْا هُدًى }مريم76 و هـــــــو الذى شرح صدورنا لإسلام {فَمَن يُرِدِ اللّهُ أَن يَهْدِيَهُ يَشْرَحْ صَدْرَهُ لِلإِسْلاَمِ وَمَن يُرِدْ أَن يُضِلَّهُ يَجْعَلْ صَدْرَهُ ضَيِّقاً حَرَجاً كَأَنَّمَا يـَصَّعَّدُ فِي السَّمَاء }الأنعام125 .
وهو الذي ألزمنا كلمة التقوى وجعلنا في قَدَرِهِ أحق بهــــــا وأهلها { فَأَنزَلَ اللَّهُ سَكِينَتَهُ عَلَى رَسُولِهِ وَعَلَى الْمُؤْمِنِينَ وَأَلْزَمَهُمْ كَلِمَةَ التَّقْوَى وَكَانُوا أَحَقَّ بِهَا وَأَهْلَهَا وَكَانَ اللَّهُ بِكُلِّ شَيْءٍ عَلِيماً }الفتح26 وهو الذي دعـــــــــانا إلى جنته وهدانا إلى صراطه المستقيم {وَاللّهُ يَدْعُو إِلَى دَارِ السَّلاَمِ وَيَهْدِي مَن يَشَاءُ إِلَى صِرَاطٍ مُّسْتَقِيمٍ }يونس25 .
فإذا امتلأت نفس المؤمن يقينا بأن الله تعالى وحده هو الذي اختصنا برحمته ففطرنا على الإيـــــــــمان وكتبه في قلوبنا وأيدنا بروح منه وأنزل السكينة فيها ليزيدها إيمانا وهو الذي صبغنا بصبغته وهدانا به وزادنا هدى وهـــــــو الذي اصطفانا للإسلام واصطفاه لنا وشرح له صدورنا وأنه تعالى هو الذي اجتباناوسمانا المسلمين وجعلنا خير أمه أخرجت لـــلناس ومنحنا ولايته وولاية ملا~كته وجعلنا خلفاءه في البشرية بالجـــهاد والارشاد {وَقَاتِلُوهُمْ حَتَّى لاَ تَكُونَ فِتْنَةٌ وَيَكُونَ الدِّينُ كُلُّهُ لِلّه فَإِنِ انتَهَوْاْ فَإِنَّ اللّهَ بِمَا يَعْمَلُونَ بَصِيرٌ }الأنفال39 وضمن لنا نـــصره في الدنيا والآخرة {إِنَّا لَنَنصُرُ رُسُلَنَا وَالَّذِينَ آمَنُوا فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَيَوْمَ يَقُومُ الْأَشْهَادُ }غــــــــــــــــــــــافــــــــــــر51 {وَلَقَدْ سَبَقَتْ كَلِمَتُنَا لِعِبَادِنَا الْمُرْسَلِينَ إِنَّهُمْ لَهُمُ الْمَنصُورُونَ وَإِنَّ جُندَنَا لَهُمُ الْغَالِبُونَ}الصافات171: 173 .
وأنه تعالى هو الذي آتى نفوسنا تقواها بقدره وألــــــزمنا كلمة التقوى بقدره وشرعه فضلا عن كل ذلك فإنه تعالى هو البارئ المبدع الخالق لكل شيء في كياننا وأعماقنا من المـادة والطاقة والذرة والخلية والحركة والسكون والتفاعل والتحول إلى غير ذلك مما هو به أعلم مصداقا لقوله { أَلاَ لَهُ الْخَلْقُ وَالأَمْرُ تَبَارَكَ اللّهُ رَبُّ الْعَالَمِينَ }الأعراف54 وقول إبراهيم لعبدة الأصــــنام {قَالَ أَتَعْبُدُونَ مَا تَنْحِتُونَ }الصافات95 {وَاللَّهُ خَلَقَكُمْ وَمَا تَعْمَلُونَ }الصافات96 وقوله تعــــالى {قَاتِلُوهُمْ يُعَذِّبْهُمُ اللّهُ بِأَيْدِيكُمَ }التوبة14 {فَلَمْ تَقْتُلُوهُمْ وَلَـكِنَّ اللّهَ قَتَلَهُمْ وَمَا رَمَيْتَ إِذْ رَمَيْتَ وَلَـكِنَّ اللّهَ رَمَى وَلِيُبْلِيَ الْمُؤْمِنِينَ مِنْهُ بَلاء حَسَناً إِنَّ اللّهَ سَمِيعٌ عَلِيمٌ }الأنفال17 .
وهو سبحانه وحده القيوم المهيمن على ذلك كله منذ شاء خلْقَنا إلى ماشاء سبحانه مـــــــــن وجودنا {اللّهُ لاَ إِلَـهَ إِلاَّ هُوَ الْحَيُّ الْقَيُّومُ}البقرة255 فإذا امتلأت نفس المؤمن يقينا بذلك كله وبأنه لا يمكن وجود أي مادة أو طــاقة أو عمل أو حركة أو سكون أو أي شيء إلا بمحض قدرته تعالى وخلقه وهيمنته وقيوميته وإرادته بناء ما سبق في علــــمه وقدره وإرادته مصداقا لقوله {إِنَّمَا أَمْرُهُ إِذَا أَرَادَ شَيْئاً أَنْ يَقُولَ لَهُ كُنْ فَيَكُونُ }يس82 وقوله {وَمَا تَشَاؤُونَ إِلَّا أَن يَشَاءَ اللَّهُ }الإنسان30 وقـــوله _ صلى الله عليه وسلم _ ( ما شاء الله كان وما لم يشأ لم يكن ).
فإذا انفعلت نفس المؤمن بذلك كله انفعالا حقيقيا ملك عليه نفسه استطاع المؤمن أن يدرك مدى فضل الله تبارك وتـعالى عليه وتجلت له عند ذلك حقيقة الحقائق الايمانية وهي أنه لا جهد له ولا حول ولا قوة ولا أثر له في أي عمل يعمله ومــــــن ثم فلا فضل ولا منة له في أي خير خير اكتسبه مهما كان شأنه وإنما الحول والقوة والفضل والرحمة والمنة للخالق البارئ الـــقادر المقتدر الحي القيوم الذي أخرجه من العدم المحض بكل كيانه ومشاعره ورغباته واتجاهاته وخطواته ونبضاته وحركاتـــــــه وانفعالاته وأعماله وتولاه سبحانه بحوله وقوته وعبادته من شياطين الإنس والجن وأمده بخشيته وتوفيقه لجميع أعمـــــــال الخير التي قدرها له بوحيها إليه وخلقها فيه وصبغه بها دون أن يكون له جهد فيها.
فإذا انبهرت نفس المؤمن بتلك الحقيقة الإيمانية العظمى انبهرت بأن الله تعالى مع ذلك كله يسند للمؤمن العمل و الإحســـــان تشريفا و ثناء .
نعم إن الله تعالى سند العمل و الإحسان للمؤمن تشريفا و ثناء وجزل له أضعافا مضاعفة فضلا و كرما كنه وعــــــــــطاء فإذا انبهرت نفس المؤمن و و انبهرت لذلك كله فإنه حرى بها ثم حرى بها أن تذوب هيبة و خشية و وجلا و خجلا و حيـــــاء من صاحب الحول و الطول و الجود و الكرم و الإحسان و الفضل دائما أبدا و خاصة عند سماع مثل قوله تعالى {وَلِمَنْ خَافَ مَقَامَ رَبِّهِ جَنَّتَانِ فَبِأَيِّ آلَاء رَبِّكُمَا تُكَذِّبَانِ ذَوَاتَا أَفْنَانٍ فَبِأَيِّ آلَاء رَبِّكُمَا تُكَذِّبَانِ فِيهِمَا عَيْنَانِ تَجْرِيَانِ فَبِأَيِّ آلَاء رَبِّكُمَا تُكَذِّبَانِ فِيهِمَا مِن كُلِّ فَاكِهَةٍ زَوْجَانِ فَبِأَيِّ آلَاء رَبِّكُمَا تُكَذِّبَانِ مُتَّكِئِينَ عَلَى فُرُشٍ بَطَائِنُهَا مِنْ إِسْتَبْرَقٍ وَجَنَى الْجَنَّتَيْنِ دَانٍ فَـــــبِأَيِّ آلَاء رَبِّكُمَا تُكَذِّبَانِ فِيهِنَّ قَاصِرَاتُ الطَّرْفِ لَمْ يَطْمِثْهُنَّ إِنسٌ قَبْلَهُمْ وَلَا جَانٌّ فَبِأَيِّ آلَاء رَبِّكُمَا تُكَذِّبَانِ كَأَنَّهُنَّ الْيَاقُوتُ وَالْمَرْجَــانُ فَبِأَيِّ آلَاء رَبِّكُمَا تُكَذِّبَانِ هَلْ جَزَاء الْإِحْسَانِ إِلَّا الْإِحْسَانُ }الرحمن46:60 و قوله للمؤمنين يوم القيامة {وَتِلْكَ الْجَنَّةُ الَّتِـي أُورِثْتُمُوهَا بِمَا كُنتُمْ تَعْمَلُونَ }الزخرف72 .
يا سبحان الله ثم يا سبحان الله و متى كان للمؤمنين عمل و إحسان إلا من صاحب الجود و الفضل و الحــــول و الإحسان {قُلْ إِنَّ الْفَضْلَ بِيَدِ اللّهِ يُؤْتِيهِ مَن يَشَاءُ وَاللّهُ وَاسِعٌ عَلِيمٌ }آل عـــــــــمـــران73 { يَخْتَصُّ بِرَحْمَتِهِ مَن يَشَاءُ وَاللّهُ ذُو الْفَضْلِ الْعَظِيمِ }البقرة105 {قُلْ بِفَضْلِ اللّهِ وَبِرَحْمَتِهِ فَبِذَلِكَ فَلْيَفْرَحُواْ هُوَ خَيْرٌ مِّمَّا يَجْمَعُونَ }يونس58 .
نسأل الله تبارك و تعالى أن يجعلنا من الذين يستمعون القول فيتبعـون أحسنه أولئك الذين هداهم الله و أولئك هم أولــــــــــــوا الألباب.
و صلوات الله تعالى و سلامه دائما و كاملا على سيدنا محمد و آله و صحبه و أزواجه و جميع المؤمنين و سلم تسليما كثيـرا و آته الوسيلة و الحمد لله رب العالمين .

ليست هناك تعليقات: